أكدت الدكتورة نشوى أيوب رئيس قطاع التعليم بمؤسسة مصر الخير أن إنشاء مدرسة كروسكو الابتدائية المشتركة بنصر النوبة يأتى ضمن 100 مدرسة تقوم مصر الخير بإنشائها على مستوى الجمهورية تم إنشاء 12 مدرسة منها، لافتة إلى أن ذلك يأتى فى إطار توجيهات الدكتور على جمعة رئيس مجلس أمناء مصر الخير فى خدمة المجتمع المحلى، خاصة للنهوض بالعملية التعليمية داخل مختلف مدارس الجمهورية، التى تستهدف القرى والمناطق النائية والمحرومة بما يعود بالنفع على كافة أبناء المجتمع المصرى. تجدر الإشارة إلى أن مدرسة كروسكو الابتدائية المشتركة بمركز نصر النوبة، التى تحملت تكاليف إنشائها مؤسسة مصر الخير بإجمالى 2 مليون جنيه، تقام على مساحة 2200 م2 ومكونة من دورين تضم 6 فصول ابتدائى وفصلين "رياض أطفال"، بجانب معمل للعلوم والحاسب الآلى وتكنولوجيا المعلومات ومكتبة.
بدأ منذ أمس الخميس برنامج جديد لفضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، يذاع على الفضائية المصرية عند الساعة السادسة مساء، وعلى القناة الأولى عند الساعة السابعة مساء؛ وذلك في يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع.
وقد تكلم فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عن فكرة هذا البرنامج فقال: إن النابتة من الخوارج الإرهابيين وأمثالهم يقعون في خطأ عظيم في تفسير النصوص، وصل بهم إلى أن يضربوا بعض آيات القرآن ببعض، ووصل بهم أيضًا إلى ما يسمى بالهرم المقلوب؛ فيجعلون الأصول فروعًا، ويجعلون الفروع أصولا، ويحسبون أنهم على شيء، وليسوا على شيء، ويجتهدون مع وجود النص، ويتبعون هواهم، ولا يتبعون العلماء العارفين بالله من أهل الذكر الحكيم، ويشتغلون بمهم عن الأهم، ويرتكبون أشد الضررين للفرار من أخف الضررين، ويجهلون الواقع بعوالمه المتداخلة، ويخطئون في تنزيل ما في تراثنا الكبير على النوازل والحوادث، فيرتكبون بذلك إراقة الدماء والعدوان على الأموال وانتهاك الحرمات والاعتداء على الأعراض، ولذلك نراهم عبر التاريخ قد سلَّط الله عليهم وأبادهم وأخذهم بذنوبهم، واصطدموا دائمًا بقدر الله سبحانه وتعالى، وكل ذلك من غباوتهم وعنادهم وجرأتهم في دين الله وعلى دين الله.
يأتي برنامج "المتشددون" ليشرح هذه الصورة بوضوح شديد، ويتتبع كيف وصل الفكر المتشدد إلى صورته الحالية شديدة التعقيد، ويبين طريق الإصلاح وكيفية محاربة هذا الفكر وتصحيحه والتخلص منه تماما.
حول تاريخ الإفتاء المصري ، صدر مؤخرا الجزء الثالث من كتاب “الإفتاء المصري من الصحابي عقبة بن عامر إلى الدكتور علي جمعة” للدكتور عماد هلال.
وقد صدر الجزء الأول سنة 2010 وهو يغطي تاريخ الإفتاء المصري من الفتح الإسلامي إلى نهاية العصر المملوكي. والجزء الثاني صدر سنة 2013 وهو يغطي تاريخ الإفتاء المصري في العصر العثماني، ويتوقف عن بداية حكم محمد علي لمصر.
أما الجزء الثالث فقد صدر منذ أيام ، وهو يغطي تاريخ الإفتاء المصري في القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي.
يتكون الجزء الثالث من خمسة فصول: الفصل الأول يشرح ملامح نظام الإفتاء في مصر في تلك الفترة، وآليات تعيين وعزل المفتين واختصاصات المفتي، وأمين الفتوى، مع ترجمة لأمناء لكل من شغل منصب أمين الفتوى في القرن الثالث عشر.
الفصل الثاني يتحدث عن تطور منصب (مفتي السادة الحنفية بالديار المصرية) وازدياد نفوذ المفتي الحنفي في ظل اتجاه الدولة لفرض سيادة المذهب الحنفي في المحاكم والمجالس والدواوين، مع تقديم ترجمات مختصرة لكل من شغل هذا المنصب قبل ظهور منصب (مفتي الديار المصرية).
الفصل الثالث يستعرض حالة التدهور التي لازمت منصب (مفتي السادة المالكية بالديار المصرية) إلى أن اختفى تمامًا بوفاة الشيخ محمد عليش.
الفصل الرابع يشرح سبب عدم ظهور منصب للإفتاء الشافعي، حيث اكتفى الشافعية بسيطرتهم على منصب (شيخ الأزهر) مع تصدر شيخ الأزهر للإفتاء الشافعي بصفته شيخ الشافعية وكبيرهم، وشيخ مشايخ الأزهر جميعًا.
أما الفصل الخامس فيتتبع ظاهرة جديدة لم تعرفها مصر في الفترات السابقة وهي ظهور مناصب للإفتاء في الدواوين (الوزارات) والمجالس القضائية والتشريعية التي نشأت في القرن الثالث عشر، وقد اقتصر الفصل الخامس على (إفتاء المجالس) فقط مع ترجمة لكل من شغل منصب مفتي (مجلس المشورة) أو (مجلس الأحكام) أو (المجلس الخصوصي) بالإضافة إلى مجلس لم تذكره المصادر التاريخية ولا يعرفه أحد هو (مجلس الشريعة) الذي ظهر في أواخر عصر محمد علي واستمر في عهد عباس وبداية عهد سعيد، مع ترجمة لهؤلاء المفتين من خلال مصادر جديدة غير مألوفة لدى المؤرخين.
الإمام الشافعي
1- أسمه ونسبه وأسرته:
هو: أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ابن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف
فهو هاشمي مطلبي, ابن عم رسول الله (ص) وأما أمه فالمشهور أنها كانت من قبيلة الأزد, وكنيتها : أم حبيبة.
وقيل : أمه هي فاطمة بنت عبد الله بن الحسين بن الحسن بن علي ابن أبي طالب.
قال مفتي مصر السابق، الدكتور علي جمعة، إن «جد ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، هاشمي، من آل بيت النبي».وأضاف جمعة خلال برنامج «والله أعلم» الذي تبثه فضائية «سي بي سي»، مساء السبت من كل أسبوع، أن «شخصًا يدعى الهاشمي هو جد إليزابيث الثانية، وأنها لم تُسلم؛ لأن الإنجليز أرغموا جدها عنوة على التنصّر».وتابع: «إنجلترا قديمًا كانت لا توافق على إقامة المسلمين فيها، وقبضت على شخص يدعى الهاشمي من أهل النبي صلى الله عليه وسلم، وأرغموه على أن يترك الإسلام».
روابط مسألة الأصول العربية والمسلمة للملكة إليزابيث
______________________________
www.alnssabon.com/t6556.html
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=192256
http://arabic.arabianbusiness.com/politics-economics/society/2013/jul/7/335885/#.VLrSQixpwwA
http://www.juancole.com/2008/02/burkes-peerage-queen-elizabeth-ii.html
http://www.plainislam.com/in-depth/history-of-muslims-in-britain-from-queen-elizabeth-i-to-george-i.aspx
http://www.amazon.com/families-Scotland-descendants-sovereigns-subjects/dp/1115404490/ref=sr_1_1?s=books&ie=UTF8&qid=1421530272&sr=1-1&keywords=john+burke+%2B+the+royal+family
خلال إجابته على سؤالٍ في حديثٍ بعد صلاة الجمعة عمَّا ينبغي على المسلم فِعلُه تجاه الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! .. قال فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة: إننا قد قصرنا في عرض ديننا بصورةٍ لافتةٍ للنظر، وهذا يستلزم منا مجهودا علميا ودعويا يتجاوز ما نحن عليه الآن بصورة جذرية، نحتاج إلى المزيد من إرسال البعثات من الأزهر الشريف للدراسة في الغرب، وتقبل بعثات الآخرين إلينا، وهو ما شَرعت فيه جامعة الأزهر بالفعل.
وذكر فضيلته أنه عندما قام أستاذ الأدب في جامعة أكسفورد الدكتور أنس الشيخ علي بحصر الروايات التي تحاول النيل من شخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو الشريعة الإسلامية أو تسب الإسلام وتاريخه أو القرآن أو الأحكام؛ وذلك ابتداء من سنة 1970م وحتى سنة 1994م فيما طبع في لندن فقط، وجد أن عدد الروايات المسيئة وصل إلى 1760 رواية تسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستمر الحال إلى العام الماضي 2014م حيث وصلت عدد الروايات إلى قرابة 3600 رواية.
وتابع فضيلته: إذًا فهيا بنا نرى فعلَ الله، وفعلُ الله أن جعل ما يزيد على مليار إنسان يلهجون بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويعظّمون شأنه على غير عادة البشر مع أحد منهم، ثم سلّط بعض السفهاء في خلال خمسةٍ وأربعين عاما أن يشتموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذًا فلله في ذلك حكمة؛ وهي أنه صلى الله عليه وآله وسلم يترقى عند ربه كل لحظة إلى مراقي لا تنتهي، فكأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجازي نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بكل أنواع الخير والفضل والزيادة؛ بعضها بالدعاء، وبعضها بالصلاة عليه، وبعضها بظلم هؤلاء السفلة لحضرته صلى الله عليه وآله وسلم.
وتعجب فضيلته من أن 3600 رواية لم يبلغنا منها غير القليل ولم نسمع عنها؛ فما الحكمة في أن يُعلِمك اللهُ بذلك الآن؟! .. واستطرد فضيلته قائلا: قد تكون الحكمة في ذلك أن الله يريد أن ينبهنا إلى تقصيرنا في حق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لَعلَّنا نتدارك خطأنا وتقصيرنا، وإلى هذا أرشدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمن الفتن؛ فقال: «الزم بيتك»، وقال: «وابْكِ على خطيئتك»، وقال: «ولْتكن عبدَ الله المقتول، ولا تكن عبدَ الله القاتل»، وقال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تموت وأنت عاضٌّ على جِذل شجرة».
ثم أعطى فضيلته حلا عمليا لمجابهة هذه الإساءات فقال: يجب علينا أن نعمل على تفعيل دور الخريجين من كليات اللغات والترجمة بالأزهر للعمل بالمراكز الإسلامية بالخارج، مع إتاحة الفرصة لهم للمعيشة في تلك البلاد بصورة مستمرة، ولابد من إنشاء مرصدٍ تكون مهمته الرصد والتحليل لكل ما يُكتب ويُنشر ويُذاع عن الإسلام في الخارج باللغات المختلفة، ومناقشة ذلك كله، وتجهيز البيان الواضح بإزاء تلك القضايا، وعدم ترك الأمور تتراكم حتى تصل إلى حد الانفجار، كما نريد بصورة مستمرة عمل مؤتمرات الحوار، والتي يدعى فيها رجال الصحافة والإعلام في كل مكان، وتتم المناقشات حول المصطلحات والصور الذهنية التي تتعسف مع الإسلام والمسلمين فيما يسمى بـ"الإسلام فوبيا"، كما أنه يجب علينا وضع مناهج متخصصة ودراسات عليا لدراسة الخلاف الحضاري بين الشرق والغرب، وطرحها للحوار مع كافة المؤسسات الفكرية والإعلامية والجامعية والثقافية، وعدم حصر ذلك في النطاق الأكاديمي، وكذلك يجب علينا تفعيل الاتفاقات القائمة بين جامعة الأزهر وسائر الجامعات والمؤسسات العالمية، وهي كثيرة والحمد لله، ولكن تحتاج إلى مزيد من العمل والجهد، ويجب كذلك إنشاء مراكز للترجمة والنشر من العربية وإليها للاطلاع على خلاصات التراث الإسلامي ومكونات العقل المسلم، وعلى كيفية الاستفادة من التراث الإنساني والتواصل بيننا وبين العصر، خاصة في مجال البحث العلمي، وبيان أخلاقيات هذا البحث ونظر الإسلام إليه، وكيفية نقل التكنولوجيا اختراعا وإبداعا، وليس استهلاكا وتقليدا، مع الحفاظ في نفس الوقت على الهوية، وهي أمور تحتاج إلى مزيد من التفكير، وإلى مزيد من تطوير القوانين، وإلى مزيد من المشاركة الفعالة.
لقد جبل الإنسان بفطرته على حب الوطن والشعور بالانتماء إليه, ويشترك في هذا جميع الناس على تنوع أعراقهم واختلاف مشاربهم, وعندما جاء الإسلام دين الفطرة والإنسانية لم يقف في وجه هذا الميل الطبيعي بل أقر ذلك ودعا إليه, وجعله سبيلا للعمل الصالح وفعل الخيرات وزيادة التماسك بين أبناء الوطن الواحد, وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الأمثلة في بيان ذلك حين خرج من مكة مهاجرا فالتفت إليها وأعرب عن شعوره الجياش نحوها, فقال: ما أطيبك من بلد وأحبك إلي, ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك (سنن الترمذي 5/723) لقد كانت تلك الكلمات المفعمة بالانتماء تعبيرا صادقا عن حبه صلى الله عليه وسلم لوطنه الذي نشأ فيه, وترعرع في أكنافه وعرف كل جنباته وأمضى فيه سنوات شبابه وكهولته.
والمثال الآخر له صلى الله عليه وسلم خاص بالمدينة المنورة حين عاد من إحدى غزواته, فعن أبي حميد قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك, وساق الحديث وفيه: فخرجنا حتى أشرفنا علي المدينة فقال: هذه طابة, وهذا أحد وهو جبل يحبنا ونحبه (صحيح مسلم 2/1011).
إن هذه النماذج العملية المعبرة تبين كيف راعى الإسلام العاطفة الإنسانية ومنها تعلق المرء بوطنه وحبه له. شريطة ألا يكون ذلك الشعور مجرد عاطفة غامرة أو مشاعر جياشة فحسب, بل لابد أن يصاحبه إحساس بالمسئولية وقيام بالواجبات انطلاقا من المثل المحسوس الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد, إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (صحيح مسلم 4/1999), إن الوعي بالمعنى الصحيح لمفهوم المواطنة يستدعي وقوف الجميع على قدم المساواة في الحقوق والواجبات, فالنبي صلى الله عليه وسلم قرر في وثيقة المدينة أن جميع أبناء الدولة يد واحدة على من سواهم, يدفعون التهديد والعدوان عن أرضهم، ويتعاونون فيما بينهم لتحقيق مصالحهم, وحفظ دمائهم وحقوقهم وكرامتهم, فإذا فعلوا وحرصوا عليه بكل غال ونفيس أصبح الوطن حصنا يحمي أبناءه, وغدت المواطنة حصانة للجميع, ولو نظرنا في تاريخ الحضارة الإسلامية على مر العصور لوجدنا الأمثلة الصادقة على تحقق معنى المساواة في المواطنة بين أبناء الوطن الواحد ولذلك كانت المساواة مطلبا إسلاميا, فبها يقوى الوطن ويتماسك المجتمع وتصان كرامة الفرد.
إن الوطن الذي نعم أبناؤه بالأمن والطمأنينة في أكنافه, وتقلبوا بين حناياه وجوانبه, ونمت أعوادهم من خيراته وثمراته, ليحتم على كل فرد أن ينهض بواجباته تجاه وطنه, ومن أهم تلك الواجبات: الأمن والبناء, فأما الأمن في الأوطان فهو من النعم الكبرى التي منحها الله عباده وامتن عليهم بها, ومن مقررات ذلك وأمثلته ماحكاه الله تعالى عن أهم ما تميز به أهل مصر, فقال سبحانه فيما حكاه عن يوسف عليه السلام في مقام الامتنان: (وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف:99]، وقد حثنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم على أن نكون مصدر أمن وأمان, وسبيل طمأنينة وسلام, في كل زمان ومكان فقال: «أفشوا السلام وأطعموا الطعام» (سنن الترمذي 4/652) بل أمر أن يكف المسلم الأذى عن الناس وأن يسلم الناس من إساءته وأذاه, فقال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده, والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم» (سنن النسائي 8/104).
إن تحققنا بصفات المؤمن الصادق تستوجب منا أن ندرأ الفتنة ونمنع قيامها، وأن نئد الإشاعات الكاذبة والإرجافات المغرضة, وأن نبتعد عن ترويع الآمنين وتخويف أبناء الوطن بل وغيرهم من المسالمين.
الواجب الثاني الذي يتحتم على الجميع القيام به تجاه الوطن هو واجب البناء, فبناء الوطن من مقتضيات الاستخلاف في الأرض وإعمارها, قال تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) [هود:61], فكل منا في موقعه مستخلف ومطالب بالبناء علي قدر ما حباه الله من سعة وقدرة وعلم, ويمكن القيام بذلك الواجب في مجالات شتى, منها الحفاظ على الممتلكات والمرافق العامة, والحرص على خيرات الوطن وثرواته ومكتسباته, ومنها أيضا الحفاظ على البيئة بكل صورها كإماطة الأذى عن الطريق, والكف عن الإسراف أو إهدار الموارد مهما قلت أو كثرت, بل يتحقق بناء الوطن في أبسط صوره في إتقان العمل النافع المفيد.
إن حب الوطن لا ينبغي أن يقف عند المشاعر والعواطف, بل لابد أن يترجم إلى سلوك صالح نافع للفرد والمجتمع.
لقد قرر الإسلام المساواة كمبدأ عام بين الناس جميعا, وجعله مهيمنا تسري روحه كدعامة لجميع ما سنه وقضى به نظام وأحكام تضبط علاقات الأفراد رجالا ونساء, وكان من تقديره لقيمة الإنسانية المشتركة بين الجميع تكريم الجنس البشري بنوعيه دون تمييز بين رجل وامرأة.
لذلك تأكد في عقيدة المسلم أن الناس سواسية بحسب خلقهم الأول, وأنه ليس هناك تفاصيل في إنسانيتهم بين رجل وامرأة إلا بما يجري على ذلك من أسس مكتسبة أساسها التقوى والعمل الصالح, لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) [النساء:1].
فالرجل والمرأة من نفس العنصر, خلقهما الله زوجين متجاذبين حتى يخلق من اجتماعهما نسلا جديدا; قال سبحانه: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [الأعراف:189].وكرم الله عز وجل الرجل والمرأة بالتكليف دون تمييز, وترتيب الثواب والعقاب على الطاعة والمعصية, فهما متساويان في الجزاء والمؤاخذاة; قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران:195].
وساوى سبحانه بين الرجل والمرأة على مستوى الحقوق; فقال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:228].
وأما على مستوى التكريم والإحسان فقد أوصى الشرع الشريف الرجل برعاية المرأة زوجة كانت أو أما أو اختا; فقال سبحانه: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:236].
ونهى الإسلام عن ظلم المرأة أو البغي على حقوقها المادية أو المعنوية فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) [النساء:19].
وكذلك نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المساواة بين الرجل والمرأة ووجوب الرعاية للنساء في أحاديث عدة; فقال: «إنما النساء شقائق الرجال», (مسند أحمد 6/256), وقال: «استوصوا بالنساء خيرا», (صحيح البخاري 5/1987), وقال: «خيركم خيركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي», (سنن الترمذي 5/709).
وقد اشتبه على أناس أن في بعض الآيات القرآنية تمييزا بين الرجل والمرأة كقوله تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) [النساء:32]؛ ففهموا أن الله فضل الرجل بالذكورة على المرأة للأنوثة, وأن على المرأة ألا تتمنى ما فضل الله به الرجل.
والصحيح أن أولى الأقوال في تأويل الآية أن معناها: للرجل نصيب من ثواب الله وعقاب مما اكتسبوا وعملوا من خير أو شر, وللنساء نصيب مما اكتسبن من ذلك كما للرجل.
وهذا أولى من تأويل الآية بأنه: للرجل نصيب من الميراث وللنساء نصيب منه؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر أن لكل فريق من الرجال والنساء نصيبا مما اكتسب، وليس الميراث مما اكتسبه الوارث, وإنما هو مال أورثه الله عن ميته بغير اكتساب, ولا يجوز -أيضا تأويل الزيادة في نصيب الرجل في الميراث على الأنثى المساوية له في درجة القرابة من المورث على أنه فضل للرجال على المرأة, وكذلك فليس في فرض الجهاد على المرأة, وكذلك فليس في فرض الجهاد على الرجل تفضيل لهم على النساء.كما اشتبه على البعض قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء:34]; فظنوا أن الآية تتحدث عن جنس الرجال وجنس النساء, والظاهر من السياق أن الآية تتحدث عن الزوج وزوجته, حيث جاء فيها: (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) [النساء:34] ولا يصح لأي رجل أن يفعل ذلك إلا بزوجته.
وليس في قوامة الزوج على زوجته أي انتقاص لحقوقها أو امتهان لإنسانيتها وذاتها, والآية وإن جاءت في صيغة الخبر لكنها إنشائية, تأمر الزوج بأن يقوم على حاجة أسرته بالرعاية والحماية والإنفاق, وتأمر الزوجة ألا تنازع الزوج فيما يأمرها به من معروف, وتخبر الآية أن الأصل في الأسرة الإسلامية أن تكون على هذا المنوال.
وإن احتسبنا هذه القوامة حقا أو تشريفا للزوج فإنه يفترض عليه من الواجب ما ينال به هذا الدور من القوامة, ولن يحصل على هذه القيادة هبة أو لمجرد ذكورته, فقد جاءت الآية لتبين الأسباب الموضوعية التي تبنى عليها هذه القوامة.
ولا تعني القوامة بأي حال أن يتحكم الرجل بواسطتها فيفرط في بقية القيم الأخلاقية الإسلامية, فيكون رأي في الأسرة استبدادا وتسلطا, أو يأمر بالمعروف والمنكر والطاعة المعصية بلا تفرقة, أو يتدخل في الأمور الخاصة بزوجته كأن يتدخل في عقيدتها فيكرهها على تغييرها أو يفتنها في دينها أو يتدخل في تصرفاتها المالية الخاصة; وذلك أن الزوجة المسلمة لا تطيع زوجها طاعة عمياء بل تطيعه في المعروف; فإن خالف وأمر بمعصية فلا طاعة له عليها.
عالج الفقهاء قضايا المساواة وحقوق الإنسان تحت عناوين مختلفة مثل المقاصد الشرعية والمصالح العامة والقيم النبيلة, وقد قرروا أن من أهم الأسس والقيم التي بنيت عليها مقاصد الشريعة العدالة والمساواة بين البشر، فالإنسان بصفته الإنسانية خليفة في الأرض وهو مخلوق مكرم, وتحقيق العدل وتطبيق المساواة بين الناس يرقى بالإنسان في التحضر والتمدن ويحقق له ما يصبو إليه من حرية وكرامة وسعادة, وكل أمر هذا شأنه فهو أمر الشارع ومراده من الخلق.
بل جعلت شريعة الإسلام الحقوق الإنسانية التي تجب لكل إنسان بصفته الإنسانية ضرورات واجبة, فالمأكل والملبس والمسكن والأمن والحرية في الفكر والاعتقاد والتعبير والعلم والتعليم والمشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع ضرورات في المجتمع يجب على الدولة أن توفرها لمطلق رعاياها, ويجب علي الأفراد أن يطالبوا بها ويحافظوا عليها لمجرد الإنسانية; فإن الناس جميعا بمقتضى العقيدة الإسلامية التوحيدية عباد لرب واحد, فهم جميعا في مرتبة العبودية سواء أمام الله تعالى.
والمساواة في الإسلام لا تعني أبدا القضاء على الاختلاف أو التمايز بين الناس; إذ الاختلاف سنة كونية من سنن الله في خلقه, وهو حقيقة واقعة في الخلق, ولا يمكن محوها أو التغافل عنها, ولكن المساواة تعني العدالة، والعدالة تكون في عدم التفرقة بين الإنسان فيما يخرج عن فعله واختياره؛ ولذا يجب أن تطبق مفاهيم المساواة الإنسانية في إطار من احترام الاختلاف والتمايز بين الناس وعدم الاعتداء على هويتهم الذاتية أو محاولة مسحها أو محوها. ولقد قرر القرآن الكريم المساواة في أصل الخلقة بين البشر جميعا فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1], وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الأحزاب:13]; أي خلقكم أيها الناس جميعا من أصل واحد, من آدم وحواء.
والآية وإن جاءت في صيغة الخبر لكنها اشتملت على أمر; فحواه: يا أيها الناس ذروا كل المعايير الفاسدة التي اعتبرتموها في تشريف الإنسان وتعظيمه، واحتكموا إلى المعيار السليم الذي يتحقق به النفع لجميعكم, وهو التقوى.
ويلاحظ في الآية صيغة التفضيل في قوله (أَكْرَمَكُمْ) فإن فيها بيانا لمستوى الذي تتحدث عنه الآية, فهي تحدثنا عن المستوى الأعلى من التكريم والتشريف، ويفهم من ذلك ضمنا أن لمطلق الإنسان كرامة, وأن للمسلم كرامة كبيرة, وأن للتقي الصالح كرامة أكبر.
ولكن لكرامة الإنسان عموما حدا لا ينبغي أن يبخس إنسان منه شيئا, وهو حد العدالة, وهو الحد الذي تتوفر بمقتضاه للإنسان ضرورات الحياة وحاجات العيش وتحسينات الاحترام والتقدير.
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارات عدة إلى المساواة بين الناس والعدل بينهم; فعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد, وإنما أنتم ولد آدم, طف الصاع لم تملئوه, ليس لأحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح, حسب الرجل أن يكون فاحشا بذيئا بخيلا جبانا», (مسند أحمد:4/145).
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال: «يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية -أي: كبرها وتجبرها- وتعاظمها بآبائها, فالناس رجلان, رجل بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله, والناس بنو آدم, وخلق الله آدم من تراب, (رواه الترمذي: 5/389).
وظلت المساواة واحترام الآخر ومعاملته بالقسط قيما أخلاقية راسخة في حياة المسلمين; فلم تقتصر المساواة في الإسلام على مجرد المبادئ المعلنة فقط؛ بل عاشها المسلمون في حياتهم كأمر عادي ليس في فعله عناء أو مشقة, وكانت المساجد مكانا يلتقي فيه الأبيض بجوار الأسود على حد سواء في العبودية لله، وفي الحج تتلاقى الأجناس جميعها بثوب واحد لا تمايز فيه.
وشملت العدالة في الدولة الإسلامية غير المسلمين بقدر من الرعاية الاجتماعية لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم كما شملت المسلمين سواء بسواء, مما جعل المؤرخ تويني في دائرة المعارف التاريخية ينبهر بالمساواة التي رسخها الإسلام وقال: «إنني أدعو العالم إلى الأخذ بمبدأ الإخاء والمساواة الإسلامي, فعقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام هي أروع الأمثلة على فكرة توحيد العالم, وإن بقاء الإسلام أمل للعالم كله».
فالحمد الله على قيم الإسلام ونعمه التي لا تعد ولا تحصى.
لم تقتصر مشاركة الصحابيات في الحراك العلمي على علوم القرآن والحديث والفقه فقط، بل تجاوزته إلى مجال الأدب شعرا ونثرا، فوقفن على صف واحد مع كبار شعراء الصحابة مثل حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير.
فالباحث المدقق في السيرة أديبات والتاريخ الإسلامي والأدب العربي يوقن بأن للصحابيات مشاركات في الأدب لا تقل عن مشاركات الصحابة بلاغة وإبداعا، فقد عرف عن عدة منهن قرض الشعر وانشاء النثر، فمن عرف عنهن ذلك، أروى بنت عبد المطلب وصفية بنت عبد المطلب عمتا رسول الله، والخنساء، ورقية بنت صيفي، وسعدي العبشمية خالة عثمان بن عفان رضي الله عنه، والشيماء بنت الحارث، وعائكة بنت زيد، وقتيلة بنت النضر، وغيرهن كثير.
أما صفية بنت عبد المطلب فهي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشقيقة حمزة رضي الله عنه ووالدة الزبير بن العوام، أسلمت وروت وعاشت إلى خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت أديبة شاعرة رثت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا | * | وكنت بنا برا ولم تك جافيا |
وكنت رحيما هاديا ومعلما | * | ليبك عليك اليوم من كان باكيا |
لعمرك ما أبكي النبي لفقده | * | ولكن لما أخشى من الهرج آتيا |
كأن على قلبي لذكر محمد | * | وما خفت من بعد النبي المكاويا |
أفاطم صلى الله رب محمد | * | على حدث أمسى بيثرب ثاويا |
فدى لرسول الله أمي وخالتي | * | وعمي وآبائي ونفسي وماليا |
فلو أن رب الناس أبقى نبينا
| * | سعدنا ولكن أمره كان ماضيا |
(تفسير القرطبي 4/224).
وكذلك كانت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما من الفصيحات البليغات العالمات بالأنساب والأشعار، وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منها إلى بعض ما ترويه من الشعر، وقد تواترت الأخبار عن فصاحتها رضي الله عنها وبراعتها في الشعر، فعن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتا ومائة بيت (الطبقات الكبري لابن سعد 8/72). وكانت رضي الله عنها ما ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا، فعن عبد الرحمن بن أبي الزياد عن أبيه قال: ما رأيت أحدا أروى للشعر من عروة، فقيل له: ما أرواك؟ فقال: ما روايتي في رواية عائشة؟! ماكان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا (الإصابة لابن حجر 8/18).
لقد بلغت أم المؤمنين عائشة من الفصاحة والبيان مبلغا عظيما، مما دفع كبار الصحابة إلى الثناء عليها والإعجاب بفصاحتها وبلاغتها العالية، فها هو معاوية رضي الله عنه يقول: والله ما سمعت خطيبا ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ من عائشة رضي الله عنها (البداية والنهاية 8/132)، ومن أقوالها الجامعة فصاحة وإنجازا رضي الله تعالى عنها: جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، وتقول: إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة: التواضع، ولما قبض أبوها أبو بكر رضي الله عنه ودفن قامت على قبره، وقالت: نضر الله يا أبت وجهك وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلا بإدبارك عنها، وللآخرة معزا، بإقبالك عليها، ولئن كان أعظم المصائب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رزءك، وأكبر الأحداث بعده فقدك، فإن كتاب الله عز وجل ليعدنا بالصبر عنك حسن العوض منك، وأنا منتحزة من الله موعودة فيك بالصبر عليك، ومستعينته بكثرة الاستغفار لك، فسلام الله عليك، توديع غير قالية لحياتك، ولا زارية على القضاء فيك (تاريخ دمشق لابن عساكر30/443).
وقد فاق بعض الصحابيات الرجال في الشعر بلاغة وإبداعا، والمثال على ذلك أم الشهداء، تماضر بنت عمرو رضي الله عنها الملقبة بالخنساء، التي أجمع علماء الشعر على أنه لم تكن امرأة أشعر منها، اشتهر رثاؤها في أخويها معاوية وصحر وعظم مصابها، وأنشدت الخنساء في سوق عكاظ بين يدي النابغة الذبياني هي والأعشى وحسان بن ثابت فقال لها النابغة: والله لولا أن أبا بصير الأعشى أنشدني قبلك لقلت إنك أشعر الناس (خزانة الأدب للبغدادي 8/114)، وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنشدها ويعجبه شعرها، وكانت تنشده وهو يقول: هيه يا خناس ويومي بيده (الإصابة 7/614).
والمتأمل في شعر الصحابيات ونثرهن يلحظ الصدق والسليقة والروحانية ورهافة الحس ومناصرة الدعوة والرسالة، مما يدل على حضورهن القوي ومشاركتهن الفعالة في المجتمع في عهد النبوة، وشعرهن ونثرهن في ذلك جزء لا يتجزأ من التراث الأدبي العربي والإسلامي، فرضي الله عنهن.